Read this in English.
يمثل قرار الحكومة الإسرائيلية بضم أجزاء كبيرة من الأراضي الفلسطينية المحتلة بعد الأول من تموز/يوليو، والذي أيدته “صفقة القرن” الأمريكية، انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وعلى المجتمع الدولي والأفراد والجماعات في مختلف أنحاء العالم معارضته بشكل صريح وإيقافه.
الاحتلال، والسياسات الاستعمارية، والأثر الجندري لسرقة الأراضي والعنف
يعتبر هذا الضم حلقة أخرى في سياسة استعمارية استيطانية ممنهجة تقوم على انتهاك حقوق الشعب الفلسطيني باتباع نظام فصل عنصري يشرعن سرقة الأراضي والعنف. إن السياسات الإسرائيلية التي تمارس الاضطهاد والتمييز بحق الشعب الفلسطيني لها أثر جندري واضح لأنها تعزل المرأة الفلسطينية وتُفقِرها وتحد من حقوقها وحرياتها وتمنع مشاركتها في النشاطات السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية العامة. وللضم آثار هائلة على الوضع القانوني والاجتماعي والتعليمي والاقتصادي والسياسي للنساء، وعلى أولوياتهن، وخيارات المقاومة المتاحة لهن وكذلك على إمكانية حصولهن على الخدمات وخاصة الفتيات والنساء ضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي.
وسيؤدي الضم إلى مزيد من تقسيم الأراضي والمجتمعات الفلسطينية ويحولها إلى جيوب صغيرة معزولة، مفصولة كلياً بأراض إسرائيلية ودون أي اتصال جغرافي مع العالم الخارجي. كما سيُضعف وصول الفلسطينيين إلى الموارد والخدمات الأساسية كالتعليم والصحة ويفاقم التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية التي تزيد من استضعاف النساء وحرمانهن. كما سيؤدي التوسع وتقييد الحركة إلى تدهور الوصول إلى الرعاية الصحية ولاسيما للنساء وخاصة الحوامل أو المصابات بأمراض مزمنة، وسيحرم الناجيات من العنف القائم على النوع الاجتماعي من خدمات الدعم النفسي.
كما سيؤدي إلى تطبيق نظام التمييز القانوني المتبع حالياً في القدس وداخل إسرائيل. وهو نظام يضفي الطابع المؤسسي على التمييز بين المواطنين داخل بلد واحد، ويشرعن الظلم ويزيد الاضطهاد والعنف حتماً ويمنع أي إمكانية لسلام عادل ومنصف ودائم.
عنف المستوطنين
لقد كان التوسع في المستوطنات يترافق دوماً مع عنف المستوطنين وتخريبهم، وكانت ردة فعل الشرطة الإسرائيلية غالباً هي اتهام الفلسطينيين بالاستفزاز وإساءة معاملة المستوطنين، بينما تمنح المستوطنين حصانة من المقاضاة. إن تواطؤ الجيش والشرطة الإسرائيليين ودورهما في استمرار إفلات المستوطنين من العقاب يمثل سبباً محورياً في تفاقم الأعمال غير القانونية ضد المدنيين الفلسطينيين وخاصة ضد النساء.
فعنف المستوطنين يجعل النساء الفلسطينيات في خوف دائم من مغادرة المنزل بمفردهن لأنهن قد يتعرضن للهجوم. وعنف الجنود والمستوطنين، وتخريبهم المتعمد، وتدميرهم الممتلكات الخاصة، بما فيها المساكن، يضاعف أعباء النساء بسبب زيادة المسؤوليات المالية وواجبات الرعاية بالإضافة إلى الخوف المستمر من فقدان أبنائهم لمجرد وجودهم في مكان خطأ أو في توقيت خطأ.
في ضوء ما سبق، ستضيف خطة الضم مستويات أخرى إلى التمييز الهيكلي متعدد المستويات الموجود أصلاً ضد المرأة.وسيلحق ذلك ضرراً كبيراً بأوضاع النساء ومكانتهن في المجتمع. فالمرأة الفلسطينية تعاني من اللامساواة في آليات وهياكل السلطة، وسيضاف إلى تلك المعاناة مستويات أخرى من القيود والمحظورات التي تزيد من عزلتها وتهميشها.
ثمن المقاومة
لقد تُرك الشعب الفلسطيني وحده ليقاوم استراتيجيات استعمارية عنصرية يستمر المجتمع الدولي بقبولها وعدم الاعتراض عليها. ويترتب على مقاومتهم السلمية تكلفة باهظة قد تودي بحياتهم أو تحرمهم من منازلهم أو حريتهم. فهم محرومون من حق الدفاع عن النفس والأرض، وسلامتهم معرضة للخطر بحجة تهديدهم لحق إسرائيل في الأمن، وتتم معاقبة حقهم في الاحتجاج السلمي بالقتل المتعمد والانتقام ضد أسر ومجتمعات بأكملها. لقد تم حظر وتجريم جهود الفلسطينيين السلمية لعزل إسرائيل ثقافياً واقتصادياً، ووصفت محاولاتهم لمعارضة خطة الضم بأنها “رفض لحق إسرائيل في الوجود”، وهو توجه يهدف إلى حرمانهم من الحق في الاختيار والمقاومة والتعبير عن أنفسهم.
لقد حان الوقت لنرفع أصواتنا جميعاً لدعم الشعب الفلسطيني ولمعارضة نظام استعماري عنصري لا ينبغي أن يكون له مكان في هذا العصر.
نناشد الشعوب في كل مكان محاربة السياسات الاستعمارية الاستيطانية باعتبارها نضال من أجل السلام النسوي، نضال وثيق الصلة بتحرير النساء من النظام الأبوي والعنف. نحن بحاجة إلى مكافحة نزعة التسامح مع الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي وثقافة الإفلات من العقاب التي يحظى بها جناة ينبغي تقديمهم إلى العدالة مع من يدعمونهم لمواصلة الانتهاكات ويشمل ذلك الأفراد والشركات واللوبيات.
على الشعوب في جميع أنحاء العالم رفع أصواتهم واستخدام حقهم بالتصويت ومنابر الرأي المتاحة لهم لضمان انتقال حكوماتهم من الاكتفاء بالإدانة ورفض الاعتراف بالضم إلى اتخاذ تدابير ملموسة.
:وإليكم ما تستطيعون فعله
أ) محاربة الإفلات من العقاب ومحاسبة المرتكبين)
تتحمل إسرائيل، بموجب القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان، كافة مسؤوليات سلطة الاحتلال تجاه السكان الفلسطينيين لأنها تسيطر فعلياً على جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967. وسيؤدي الضم الى مضاعفة انتهاكات حقوق الإنسان الخطيرة الحالية بحق الشعب الفلسطيني.
على الدول توجيه رسالة واضحة إلى إسرائيل بوصفها سلطة احتلال، مفادها أن أعمالها الإرهابية وانتهاكاتها الممنهجة للقانون الدولي وكذلك سياسات الاستيطان الاستعمارية سيكون لها عواقب، وأن استمرار الإفلات من العقاب لم يعد مقبولاً، وأنه لا مكان للتمييز العنصري في نظامنا العالمي.
ويجب أن تجمع المساءلة بين العقوبات الاقتصادية، والتحقيق الجنائي، وتعويض الضحايا وإنصافهم.
يجب فرض عقوبات اقتصادية من قبل الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك تدابير تقييد تصاعدية، وحظر على تجارة الأسلحة، وقيود على الأفراد والشركات المساهمة في المستوطنات، وتعليق جميع اتفاقيات التعاون الأمني والتجارة الحرة مع إسرائيل.فالشركات تمارس دوراً كبيراً توسع الاستيطان غير القانوني وتحقق أرباح طائلة من ورائه، وينبغي ردع ذلك ومعاقبته.
على الدول أن تبدأ تحقيقات جنائية في انتهاكات حقوق الإنسان عبر أجهزتها القضائية الوطنية والدولية على السواء. وهذا يشمل دعم تحقيق المحكمة الجنائية الدولية في جرائم الحرب الإسرائيلية والانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي وغيرها من الآليات متعددة الأطراف. ويجب أن تسعى هذه التحقيقات إلى محاكمة الجناة وإنصاف الضحايا، وأن تتبع نهجاً يراعي الفروق بين الجنسين ويركز على الضحايا، بهدف إحقاق الحق وضمان إنصاف الفلسطينيين وتعويضهم. ويمثل قرار مجلس الأمن رقم 2334 وبيان محكمة العدل الدولية لعام 2004 بشأن عدم شرعية المستوطنات الإسرائيلية وضرورة تفكيكها وإزالة الجدار العازل وتعويض الفلسطينيين عن الانتهاكات أساساً جيداً لمثل هذه التدابير القانونية.
يجب على الدول والأفراد مقاطعة منتجات وخدمات المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية، وعليهم مواصلة دعم جهود الأمم المتحدة لتحسين قاعدة بياناتها الخاصة بالشركات المساهمة في بناء المستوطنات.
ب) حشد الجهود لدحض الروايات المزيفة)
ستواصل إسرائيل حماية ممارساتها غير القانونية من خلال نشر روايات كاذبة لطمس تاريخ من التطهير العرقي وانتهاك حقوق الإنسان وسرقة الأراضي. يجب أن نقف بحزم مع الشعب الفلسطيني في كفاحه من أجل الحرية وتقرير المصير وأن ندحض المبررات التي تحرمه من إنسانيته، وتشكك في شرعية نضاله من أجل الحرية، وتختزله إلى مجرد تهديد لأمن إسرائيل.
تشكل خطة الضم الإسرائيلية من جانب واحد تهديدا وجودياً للفلسطينيين. ويجب علينا جميعا استخدام المنابر المتاحة لنا للدعوة إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي والاعتراف الكامل بدولة فلسطين وفق حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. علينا أيضاً توفير هذه المنابر للفلسطينيين كي يتحدثوا عن قضيتهم بدلاً من الاكتفاء بحديث الآخرين عنها، ويعرضوا تجاربهم ومطالبهم أمام جميع المحافل المحلية والوطنية والدولية. ثمة ضرورة إضافية لسماع أصوات النساء الفلسطينيات من أجل تشجيع تحليل متعدد المستويات للقضية ووضع استراتيجية لمواصلة النضال تراعي معايير النوع الاجتماعي.
أخيراً، ينبغي علينا معارضة الجهود الرامية إلى إسكات النشطاء الفلسطينيين وحلفائهم ووصم عملهم السلمي وحرية التعبير بالإرهاب.