حضر وفد يمثل شبكة النساء العراقيات اجتماعًا للجنة الأمم المتحدة المعنية باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) في 20 و21 تشرين الأول/أكتوبر 2019، وأطلع اللجنة على تقرير ظل عن الاتفاقية قُدم في نهاية أيلول/سبتمبر من العام نفسه.
عملت الشبكة بشكل مكثف مع أكثر من 100 منظمة محلية لصياغة وتقديم تقرير الظل الخاص بالاتفاقية لعام 2019، وتعاونت رابطة النساء الدولية للسلام والحرية مع الشبكة أثناء المراحل الأخيرة من إعداد التقرير الذي أثار قضايا تتعلق بانتهاكات حقوق المرأة في العراق، وطالب اللجنة بأن تمارس ضغوطًا على الحكومة العراقية لحملها على الالتزام بتعهداتها تجاه حقوق النساء.
في الاتحاد النسوي قوة
يافطة “نازل آخذ حقي”، من تصميم سما الواعظ (عضو في شبكة النساء العراقيات).
أصبحت شبكة النساء العراقيات منذ إنشائها في عام 2003 منارةً تقود الكفاح لنيل حقوق النساء في العراق.
والشبكة تجمُّع مدني يضع الطبقة السياسية العراقية أمام مسؤولياتها في الالتزام بأعلى المعايير الديمقراطية. وعلى الرغم من كل الاضطرابات التي يشهدها العراق، لم تتوقف الشبكة أبدًا عن العمل بكل تصميم على دعم حقوق النساء العراقيات.
تضم الشبكة أكثر من مئة منظمة من جميع أنحاء العراق، فضلاً عن شخصيات أكاديمية وقانونية وإعلامية، يعملون جميعًا للنهوض بحقوق النساء وتمكينهن اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا.
وتعتقد الشبكة أن للنساء دورًا حاسمًا في تحقيق السلام والأمن في العراق. ويجب مساندة حقوقهن.
من أهم إنجازات الشبكة انتصارها في كفاحها لمنع اعتماد المرسوم 137. فقد طرحت المحكمة الاتحادية العليا في العراق هذا المرسوم في عام 2004 عند صياغة المسودة الأولى للدستور العراقي الجديد. ونص المرسوم على أن أحكام الشريعة الإسلامية أساس لقانون الأحوال المدنية الشخصية. وكان، في حال اعتماده، سيسفر عن تحطيم آمال النساء تمامًا في بلوغ المساواة والكرامة والعدالة في العراق، ويسمح فعلياً بإخضاعن كليًا للرجال في كافة جوانب الحياة، وإضفاء الشرعية على جرائم الشرف وزواج الأطفال.
لقد أطلقت شبكة النساء العراقيات، التي كانت تضم آنئذٍ أكثر من 80 منظمة، حملة احتجاج واسعة لم تهدأ حتى تحقق سحب المرسوم.
كما ضغطت الشبكة على الحكومة لحملها على تخصيص نسب تمثيل محددة للنساء تضمن مشاركتهن في جميع مناحي الحياة.
وهي تنظم اليوم حملات لتوعية النساء بالقانون العراقي والدولي، وبحقوق المرأة في العراق، ولتشجيع النساء على الترشح لعضوية المجالس المحلية والبلديات والبرلمان. وتقوم كذلك بتدريبهن على إدارة الحملات السياسية وتساعد المرشحات منهن في الحملات الانتخابية.
أعدت الشبكة في عام 2014 أول تقرير ظل لها استعرض حالة اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في العراق. وغطى العرض الفترة 1998-2014، وهو أول تقرير من نوعه تعده منظمة مجتمع مدني في العراق.
في عام 2015، في ظل تمدد تنظيم الدولة الإسلامية المتزايد في المنطقة، التقت شبكة النساء العراقيات مع منظمات نسائية أخرى من العراق والمنطقة لعقد منتدى نسوي عن السلام والأمن. اختتم المنتدى في إعلان أربيل الذي أثارت إحدى نقاطه السبعة عشر قضية “تمكين النساء من المشاركة في مراكز صنع القرار، وفي مفاوضات حل النزاعات والمصالحة الوطنية، وفي عمليات حفظ السلام والأمن وبناء الدولة على أسس المواطنة المتساوية، ونشر ثقافة اللاعنف والتسامح”.
ووفقًا للشبكة، استخدم هذا الإعلان أثناء صياغة قرار مجلس الأمن 2242 (عام 2015) الذي هدف إلى مضاعفة عدد النساء المشاركات في عمليات بناء السلام وحفظ السلام.
لقاء مع أمل كباشي- منسقة شبكة النساء العراقيات
ما أهمية تعاون النساء ضمن شبكات؟
يمنحنا العمل معًا قوة حقيقية، ويمدنا بصوتٍ أعلى في المطالبة بحقوقنا، ويساعدنا في بلوغ عدالة حقيقية.
ماهي الحركة النسوية؟
تهدف الحركة النسوية في رأيي، إلى المساواة الكاملة الفعلية بين الرجل والمرأة. وهي لا تعني أننا ضد الرجال، بل نناضل لنصبح متساوين.
ما الذي تحبينه في عملك؟
أقدر أهمية فرصة أن أشغل مركز العمل. فهنا أستطيع إطلاق مبادرات تساعد العراقيات في تحقيق المساواة وأيضًا العمل لبناء السلام. أشعر أنني تمكنت من إحداث تغيير حقيقي في حياة النساء عبر زيادة الوعي في القضايا التي تؤثر على حياتهن اليومية.
هل يمكنك وصف الوضع في العراق؟
يمضي الوضع في العراق من سيء إلى أسوأ بسبب سلسلة من الأخطاء السياسية المدمرة طوال عقود، أدت إلى سقوط المجتمع ضحية مجموعة من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية. أولاً، الديكتاتورية التي أدت إلى فرض عقوبات على العراق دمرت بنيتنا التحتية، ثم دخل العراق بعد عام 2003 مرحلة خطيرة أخرى بنظام قائم على التقسيمات الطائفية. وأسفر ذلك كله عن تخريب كامل لنسيج المجتمع، وأثر سلبًا على النساء خصوصًا.
نعلم أنكن تشاركن في حركة الاحتجاجات الحالية في العراق. ما هي مطالبكن؟
لقد عدت للتو من الشارع حيث شاركت مع ناشطات أخريات في الاحتجاجات. رددنا شعارات تدعو إلى المساواة والديمقراطية والعدالة. هدفنا هو تغيير النظام برمته وبناء مجتمع مدني ديمقراطي يحترم حقوق الإنسان.
مظاهرات سلمية تجتاح العراق
نساء عراقيات يتظاهرن في شوارع بغداد. الصورة: شبكة النساء العراقيات
اجتاحت العراق منذ أوائل تشرين الأول/أكتوبر احتجاجات مناوئة للحكومة عمت جميع أنحاء البلاد، نتيجة تفاقم مظالم عديدة لأمد طويل، كنقص الخدمات الاقتصادية والاجتماعية الأساسية، والفساد المستشري، والطائفية المتأصلة في متن نظام سياسي هش. ويخرج إلى الشوارع أعداد متزايدة من العراقيين وخصوصًا الشباب، وليس هناك ما يشير إلى استسلام الناس والعودة إلى بيوتهم. مطالبهم واضحة وهي إنهاء الفساد، وزيادة الخدمات العامة، وتفكيك النظام السياسي الطائفي.
وعلى الرغم من سلمية الاحتجاجات، فقد قابلتها السلطات العراقية غالباً بالقوة المفرطة. فقُتل مئات المحتجين وأصيب الآلاف في أقل من شهر، وشنت قوات الأمن موجة هائلة من الاعتقالات التعسفية.
لم تحجم الناشطات العراقيات رغم رداءة الحالة الأمنية، عن النزول بشجاعة إلى الشوارع. وكانت شبكة النساء العراقيات منذ بداية الاحتجاجات على تواصل وثيق مع شركائنا العراقيين – نتبادل آخر المستجدات وصور الاحتجاجات بسبب القيود الصارمة التي فرضتها الحكومة على خدمات الإنترنت. ليلة أمس، قالت أمل منسقة الشبكة: “لن نتوقف حتى نغير النظام برمته. كفى! فنحن نريد أن نعيش بسلام ونريد مجتمعاً تسوده المساواة”.