اقرأ/ي المقال باللغة الانجليزية.
انطلاقاً من اعتقادها الراسخ بأن استدامة عمل وأجندات المنظمات هو في صلب الحراكات النسوية القوية، تعمل رابطة النساء الدولية للسلام والحرية بتعاون وثيق مع منظمات سورية شريكة من أجل إحداث السلام النسوي في بلد غير مستقر تعصف به النزاعات وأعمال العنف.
منذ عام 2018 ونحن ندعم جهود المنظمات الشريكة للرابطة بمجموعة واسعة من الاستراتيجيات والمبادرات من أجل بناء مستقبل يحقق العدالة والأمن للنساء في سوريا.
وفيما يلي لمحة موجزة عن الأثر الذي نساعد في إحداثه من خلال قوة هذه الشراكة.
تقديم تمويل مرن لإحداث الأثر وتحقيق الاستدامة
يشكّل التمويل المشروط أي الذي لا يمكن استخدامه إلا لأغراض محددة بموجب شروط الجهة المانحة، تحدياً متزايداً لمنظمات المجتمع المدني القاعدية العاملة على تحقيق السلام النسوي في سوريا.
تعجز كثير من المنظمات النسوية عن تلبية معظم احتياجاتها الملحة والمتغيرة باستمرار جرّاء التغيّر المتواصل للأوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، مما يجعلها تكافح بأقصى قدراتها لمواصلة سعيها لتحقيق التغيير الاجتماعي. وفي ذات الوقت عليها تلبية شروط الجهات المانحة وسياساتها وأجنداتها التقييدية.
سعياً لمواجهة هذا التحدي، قدمت الرابطة بين عامي 2018 و2020 تمويلاً مرناً إلى 23 منظمة شريكة في جميع أنحاء سوريا وبلدان الجوار والشتات. حيث سمح هذا التمويل الخالي من أي قيد أو شرط لهذه المنظمات بتحسين أنشطتها وخدماتها الأساسية، وبالتالي تعميق تأثيرها في المجتمعات التي تعمل فيها.

وقد تنوّعت سبل توظيف هذا التمويل بين منظمة وأخرى. فكانت التكاليف الإدارية، ودعم تكنولوجيا المعلومات، ومكاتب العمل، والرسوم القانونية، وتكاليف التوعية، وأماكن التدريب وإعداد الدورات التدريبية، ومقرات بناء الفريق، وخدمات الترجمة، وحملات التوعية هي مجرد أمثلة قليلة على تنوّع أشكال المساعدة التي أتاحها تمويل الرابطة المرن في تمكين كل منظمة شريكة من تلبية احتياجاتها الخاصة طيلة السنوات الثلاث للمشروع.
وفي عام 2020، مع انتشار جائحة كوفيد-19 التي فرضت تحديات إضافية غير متوقعة على المنظمات الشريكة وأدت إلى تحولات جذرية في أولويات الجهات المانحة، استطاع التمويل المرن على مساعدة المنظمات على تكييف خططها بشكل فعال من أجل تخفيف الصعوبات وتلبية احتياجاتها العاجلة.
أفادت تلك المنظمات الشريكة بأن حصولها على تمويل مرن قد ساعدها على متابعة تنفيذ أجنداتها النسوية طويلة الأمد من خلال تخفيف الضغوط الناجمة عن تلبية تكاليف المتطلبات الأساسية، مما أتاح لها الوقت والموارد اللازمة للتفكير والعمل بشكل استراتيجي والتركيز على الأهداف الأساسية.
.ووفقاً للعديد من المنظمات، فقد مكّن التمويل المرن الموجه نحو احتياجاتها من تحقيق نمو أقوى وأكثر استدامة
دعم الصحة النفسية وبناء القدرات
تفتقر عدة منظمات عاملة في سوريا إلى الدعم الفني وفرص التشبيك والتنسيق اللازمة لجعلها كيانات أكثر استدامة. وينطبق ذلك بشكل خاص على الناشطات اللواتي يسعين لتحقيق أجندة سلام نسوية في سوريا. فعملهن الميداني مع النساء والأطفال وغيرهن من المتضررات/ين بشكل مباشر وغير متناسب من عدم الاستقرار والنزاع، يسبب أضراراً بالغة على الصحة النفسية ما يتطلب دعماً عاجلاً.
بهدف تعزيز قدرة المنظمات الشريكة على تنفيذ عملها بشكل فعال، وضعت رابطة النساء الدولية للسلام والحرية خطط دعم فني تلبي احتياجات تلك المنظمات في مواجهة التحديات التي تواجهها في سياق عملها. وقد وضعت هذه الخطط بناء على تقييم سنوي لقدرات كل منظمة، وتضمنت دعماً نفسياً واجتماعياً وحوارات نسوية وندوات عبر الإنترنت (ويبينار) لبناء القدرات.
ولتوفير منابر موثوقة للمنظمات الشريكة في سوريا للتعبير عن أنفسهن ضمن مساحة آمنة تحترم الخصوصية، عقدت الرابطة جلسات منتظمة جماعية للتثقيف حول أشكال الدعم النفسي والدعم النفس- اجتماعي، حيث تحظى النساء بالدعم وإمكانية التواصل فيما بينهن والتحدث بحرية عن مشاكلهن ومخاوفهن.
في شباط 2020 ، تحدثنا مع خمس ناشطات نسويات سوريات حول قضايا تتعلق بالحركة النسوية السورية ، وأشد التحديات التي تواجه الناشطات والمدافعات عن حقوق الإنسان.
وعلى حد قول إحدى الناشطات: “كان الدعم النفسي والاجتماعي مفيداً جداً لي بشكل شخصي وللمنظمة أيضاً. وقد أحدث أثراً رغم قصر مدته“.
في شباط 2020 ، تحدثنا مع خمس ناشطات نسويات سوريات حول قضايا تتعلق بالحركة النسوية السورية ، وأشد التحديات التي تواجه الناشطات والمدافعات عن حقوق الإنسان.
ومع انتشار جائحة كوفيد-19 وأثرها اللاحق على الناشطات النسويات، تناولت الجلسات مواضيع أخرى كالتوازن بين العمل والحياة والتعامل مع الضغوطات الناجمة عن الجائحة.
وبالإضافة إلى تقديم الدعم النفس-اجتماعي، عقدت الرابطة عدة ندوات حوارية نسوية مغلقة باللغة العربية لشركائها في سوريا، ركّزت على بناء المعرفة بالمبادئ النسوية المرتبطة بالبيئة المعنية، وإدراج الأساليب النسوية في الأنظمة والأنشطة التنظيمية.
وتناولت هذه الندوات مواضيع معينة، كالحوكمة النسوية والقيادة النسوية والمشاركة السياسية للنساء وآليات معالجة شكاوى التحرش والتنمر في العمل، وغيرها.
وركزت ندوات تدريبية أخرى عبر الإنترنت على الرصد والتقييم والتعلّم النسوي والتمويل الجماعي والآليات الدولية لحقوق الإنسان. وقد أفضت جميع هذه الفرص التدريبية إلى تنمية مهارات وقدرات المنظمات الشريكة وتمكينها من متابعة أجنداتها النسوية.
ووصفت منظمات كثيرة هذه الندوات بأنها ذات أثر تحويلي وعميق.
الدعوة إلى عدالة انتقالية تراعي النوع الاجتماعي
لا تزال الهيمنة الذكورية وتجاهل النوع الاجتماعي تسطير إلى حد كبير على طروحات العدالة الانتقالية في سوريا، أو أساليب معالجة الانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان التي تتبناها البلدان الخارجة من النزاعات، على الرغم من حقيقة أن النساء والفئات المهمشة الأخرى هي بالذات من تأثر وتضرر بشدة من النزاعات ومن تداعيات عدم الاستقرار. وغالباً ما تساهم النساء في القضايا ذات الصلة بالعدالة إما بوصفهن ضحايا أو ممثلات للضحايا، بينما يساهم الرجال كخبراء في هذا المجال.
وفي إطار جهود الرابطة لضمان عمليات عدالة انتقالية تراعي النوع الاجتماعي وتركّز على الضحايا والناجيات، أعددنا مشروعاً مشتركاً مع منظمة دولتي؛ وهي منظمة أطلقتها ناشطات سوريات من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان والحراك والمساواة بين الجنسين؛ تشترك فيها خمس منظمات تقودها نساء سوريات يعملن في مجال العدالة والمساواة الجندرية، بغية إسماع صوت المنظمات النسوية الجماهيرية في المحافل الدولية.
ولهذا المشروع، الذي نُفذّ على مدى عامين، أربعة أهداف رئيسية:
- دعم المنظمات الصغيرة والمتوسطة المتمحورة حول النساء في سوريا، وتحسين قدراتها في الدفاع عن استراتيجيات عدالة انتقالية تراعي النوع الاجتماعي وتركّز على الضحايا
- تحسين المعرفة بآثار النزاعات على النساء من أجل رفد استراتيجيات العدالة الانتقالية التي تراعي النوع الاجتماعي
- إتاحة فرص المناصرة للمنظمات الشريكة لإسماع أصواتها على المستويين المحلي والعالمي
- دعم الجهود التي يقودها المجتمع المحلي لتعزيز استراتيجيات العدالة الانتقالية التي تراعي النوع الاجتماعي
تبنت رابطة النساء الدولية للسلام والحرية ومنظمة دولتي والمنظمات الشريكة الأخرى نهجاً متكاملاً يدمج بين مقاربتي المحلي – العالمي والعالمي – المحليويؤدي إلى إنشاء روابط بين الجهود المحلية والإقليمية والدولية. فعلى المستوى المحلي، أشركت المنظمات الشريكة النساء وقادة/ات المجتمعات المحلية في تقديم تحليل نسوي بشأن القضايا التي تمس النساء السوريات. ولذلك، تناولت المطالب النسوية آثار ونتائج التحديات المتعلقة بأدوار النساء في الفترة الانتقالية والعدالة الانتقالية من منظور النوع الاجتماعي.
ويهدف هذا النهج التكاملي إلى نقل أصوات النساء واحتياجاتهن من المستوى المحلي إلى المحافل المتعددة الأطراف، مع ضمان عودة المعلومات والتحليلات والتطورات التي تتم على المستوى الدولي إلى المجتمعات المحلية.
وباستخدام نهج من القاعدة إلى القمة، أي إشراك الناشطات على المستيوات مستويات القاعدة الشعبية في جهود تعزيز نهج نسوي للعدالة الانتقالية، قدّم هذا المشروع دعماً مباشراً لمشاركة النساء بصورة فعالة في العمليات الدبلوماسية وعمليات صنع السلام.
وتبادلت المنظمات الشريكة في هذا المشروع الرأي حول مدى فائدته في مساعدتها على استيعاب المفاهيم السياسية المركبة من منظور النوع الاجتماعي. وتعتقد الرابطة أن هذا النموذج قابل للتوسع ليشمل مواضيع أخرى، مما يؤدي في النهاية إلى بناء حركات أقوى وأكثر تركيزاً على السلام النسوي من خلال إنشاء مجموعات عمل نسوية متخصصة.
لمعرفة المزيد عن المشاركة الهادفة للنساء قبل وبعد انتفاضات 2011، استمع إلى الحلقة الأولى من بودكاست الرابطة “السياسي شخصي“
#political_is_personal #WILPF_Podcast
#السياسي_شخصي

لمزيد من المعلومات عن عمل رابطة النساء الدولية للسلام والحرية في سوريا، يرجى زيارة صفحة الرابطة الخاصة بالعمل في سوريا